كلما أدّبني الدّهر أراني نقص عقلي

و اذا ما زدت علما زادني علما بجهلي

الامام الشافعي


mercredi 15 janvier 1992

نموذج لتنظيم إنتاج الطالب الصحفي

لا يكفي أن تتعلم كتابة الخبر أو المقال. فعليك إضافة إلى ذ لك أن تكتسب طريقة عمل تمكّنك من تنظيم يومك و ترشيد طاقاتك لتكون قادرا على إنتاج مواضيع بالكم الكافي الذي تفرضه ظروف و تقاليد عمل المؤسسة التي تعمل بها ( بعض المؤسسات تشترط مقالا يوميا بينما تشترط مؤسسات أخرى كمّا محددا كل شهر)  و بالكيفية اللاّزمة حسب مواصفات مهنية معهودة في الشكل و المضمون تتناولها مختلف دروس الصحافة، و في حدود آجال التسليم deadline. 

العمل الصحفي عمل فكري في نسق صناعي فكلما تأخرت عن تسليم عملك عطّلت من بعدك في سلسلة الإنتاج : الإخراج، الطبع، التوزيع.

و أنت طالب في الصحافة، عليك أن تلبس جبة الصحفي و تتحوّل إلى صحفي طالب، و تقطع جذريا مع العقلية المدرسية في أسوء مظاهرها و التي تجعل منك تعمل بطلب من أستاذك  لتتحصل على علامة تضمن لك الانتقال من سنة إلى سنة و لا توفر لك بالضرورة الكفاية اللازمة لدخول سوق الشغل بأكثر حظوظ . فيتحوّل الدرس إضافة إلى ما يوفره لك من تكوين نظري لا بد منه في كل عملية تعلّم، إلى اجتماع تحرير تلتزم فيه بإرجاع مواضيع تنجزها خارج الدرس و يصبح أساتذتك رؤساء تحرير ينتظرون منك تنفيذ ما التزمت به و المبادرة باقتراح مواضيع أخري.

 

البستاني ينتج أزهارا  و المزارع قمحا و زيتونا و الرسام لوحات زيتية و النجار طاولات و كراسي و أنا انتج أخبارا و مواضيع ، كل يوم على مدار السنة، فمن أين سأستمد مواضيعي؟ ماذا سأقدم اليوم و غدا و بعد غد إلى القارئ أو المستمع أو المشاهد أو متصفح موقع الويب الذي يمنحني ماله  و وقته؟  كيف انظم عملي اليومي

لأكون  قادرا على الإنتاج؟  كيف استعد احسن استعداد لاجتماع التحرير او لجلسة عمل مع رئيس التحرير أو رئيس المصلحة أو زملائي في فريق العمل؟

 

الأخبار و المواضيع الجديدة يمكن أن تنطلق من:

 

·         الأحداث الطارئة التي يعلم بها الصحفي فجأة بعد اندلاعها أو بعد وقوعها فيلاحقها ميدانيا أو يتابع المادة التي  ستأتي بها الوكالات و المؤسسات الصحفية الأخرى قصد معالجتها

 

·         أخبار جارية وقع بعد الإعلان عنها في الساعات أو الأيام الماضية و  مازالت متواصلة أو مازال الاهتمام  بها متواصلا فيجتهد في   تطويرها بتقديم معلومات جديدة حول جوانب بقيت مخفية او يقدم حولها تحاليل و تعليقات.

 

·         أحداث متوقعة  وجهت الدعوة  إلى متابعتها  مسبقا من قبل منظميها فيتحول الصحفي إلى عين المكان لتغطيتها في مواعيدها .

 

·         مواضيع و مسائل و قضايا و ظواهر يبادر بالحديث عنها لأنه  أول من اقتنع بأهميتها و هو قادر على إقناع غيره بذلك بما يوفره من أفكار و معلومات جديدة.

 

لتعويد نفسك على مجابهة هذه المهمة، عليك امتلاك و تعهّد ملفين رئيسيين يرافقانك يوميا في محفظتك و على مكتبك و  يساعدانك على تنظيم عملك و يمثلان مشغلين قارين يهيكلان عملك اليومي : ملف المتابعة الذي يتجزأ إلى خمسة ملفات فرعية و ملف الإنتاج الذي يشتمل على ملفات فرعية تخصص إلى كل موضوع أنت بصدد إعداده. و عندما يشتد عودك اترك هذه الطريقة لأنك أصبحت قادرا على اعتماد طريقة افضل منها.

 

لا تعطني سمكة بل علّمني كيف اصطاد )مثل صيني(

لا تعلّمني كتابة موضوع بل علّمني كيف أكون صحفيا )المهدي الجند وبي(

 

ملف المتابعة

 

1)   ملف ماذا جرى؟

 

 يشتمل على ورقة ترصد فيها كل صباح قبل اجتماع التحرير في شكل رؤوس أقلام  ، آخر الأحداث الجارية التي مازالت متواصلة أو التي انتهت و مازال الاهتمام بها متواصلا و يمكن أن تكون موضوع مقالات في الغد أو في الأيام اللاحقة. و تسمى في المهنة أحداث الساعة أو الأحداث الساخنة.

عندما يكون ذلك متيسرا يمكن إدراج ا حدث برقيات الوكالات في هذا الملف الذي يمثل افضل سند للصحفي الذي سيشارك في اجتماع التحرير أو الذي سيلتقي برئيس التحرير أو رئيس المصلحة قصد ضبط المقالات التي سينجزها أثناء الساعات أو الأيام القادمة.

 

2)     ملف ماذا سيجري؟

 

أ جند ه الأحداث المتوقعة في الساعات و الأيام القاد مة  و التي يمكن أن تكون موضوع تغطية صحفية. هذا الملف هو أيضا افضل سند لاجتماع التحرير حيث تقرر و توزع على الصحفيين المواضيع التي ستنجز   في الغد و في الأيام القادمة. يغذي هذا الملف  أجنده الصحفي و يساعده على تخطيط عمله.

 

3) ملف  الأفكار الجديدة

 

لا تتردد في تدوين الأفكار التي تتنافس على البروز في عقلك و التي سرعان ما تنسى عندما لا نهتم بها. عند ما تقرا الجرا ئد و المجلات  و في كل لحظة تتفاعل فيها مع من حولك قد تنشأ فيك رغبة في تطوير موضوع و رد مقتضبا أو معارضة موقف  أو التنبيه إلى مسألة لا يهتم بها غيرك. إنها النواة  الأولى لمقالات قد ترى النور في الأيام أو الأشهر القاد مة. تعود على طرح هذه الأفكار على وريقات يمكن الرجوع إليها فيما بعد لتطويرها. وثق الأفكار الطائشة التي تمر بلمح البصر، لتحفظ شتات ذكائك فيتحقق التراكم، سر كل ثروة.

الكلمات المتقطّعة تصبح جملة والجملة تتحول إلى فقرة و الفقرة إلى نص. الأفكار التي تنمو في هذا المشتل الذهني الذي سيميزك عن غيرك يمكن أن تتحول إلى مواضيع تعرضها على رئيس التحرير و تلتزم بتنفيذها فتصب في ملف الإنتاج.

 

4) ملف التوثيق.

 

تحتفظ فيه بالقصاصات الصحفية الجديدة التي ستجد مكانها في مرحلة لاحقة في أرشيفك الشخصي.

 

كن موثقا ربع ساعة كل يوم. توثيقك   احسن سند لإنتاجك.

 

تصوّر انك ستقابل وزير الزراعة في الغد و عليك أن تعد مجموعة من الأسئلة. افتح ملف الفلاحة فستجد مقالات حديثة تساعدك على ذ لك و تجد استجوابات سابقة لنفس الوزير أو ا لمسؤولين في جمعية أو اتحاد المزارعين و قد تجد مداخلة الوزير عند تقديم ميزانية وزارته في مجلس النواب آو  رأ يا لخبير في الاقتصاد الزراعي كم تكون سعيد ا بهذا الكنز الذي جمعته  بنفسك. خصص ملفا لكل وزارة أو مسألة كبرى

 واحتفظ بها في صندوق أرشيف.

 

5) ملف المصادر الجديدة.

 

يبحث الصحفي عادة عن المصادر بعد تحديد الموضوع. اقترح عليك

إضافة إلى ذلك أن تهتم بالمصادر في كل مناسبة. ما لا تحتاج إليه الآن قد يصلح بعد أيام أو اشهر.  احتفظ في هذا الملف بكل ما ينشر من عناوين جديدة للمؤسسات و أرقام هاتف  و عناوين مواقع ويب و تسميات لشخصيات، و إشارات إلى وثائق أو دراسات حديثة و غيرها. يساعدك هذا الملف على تنمية دفتر العناوين و المصادر و هو أيضا احسن سند للإنتاج.

ملاحظة: تمّ إنجاز هذه الوثيقة في عهد مضى لم يكن لمحرّك البحث قوقل الحضور الذي يشهده اليوم في مجال البحث عن المعلومات و أرشفتها، و حتى ان وجد قوقل في البدايات فلم تكن للطلبة وقتها التجهيزات العصرية و لا سهولة الربط بشبكة الانترنت التي نعرفها اليوم.