كلما أدّبني الدّهر أراني نقص عقلي

و اذا ما زدت علما زادني علما بجهلي

الامام الشافعي


mardi 1 janvier 2008

كيف نهاجم الأفكار دون التعسّف على أصحابها؟

 

 

من مذكرتي الشخصية 2008: 

كيف ننجح في تنقية الصراع الفكري الذي يحّرك المجتمعات إلى الأفضل و تساهم فيه كل الأطراف و التيارات، بما يعلق بهذا الصراع أو يرافقه و ينتج عنه من حساسيات شخصية و انزعاج و تجريح و قدح و استنقاص و ردود فعل انفعالية، قد تطغى على الجدل و الحوار و تعيقه عن أهدافه فيصبح الثانوي و الذاتي أهم من الرئيسي و الموضوعي؟


مسؤولية كل المتحاورين و المتناظرين. يقول بورقيبة تغليب الأهم على المهم. ذواتنا و نرجسياتنا المتورّمة أقل أهمية من كيمياء الذكاء الإنساني المتمثلة في تفاعل أفكارنا مع أفكار الآخرين. فمهما اختلف المتناظرون و احتدّ حماسهم...فهم شركاء رغما عنهم في صناعة الحقيقة.

الأفكار التي تنتشر و تستقر في عقول الناس في حقبة تاريخية ما، ليست سوى محصّلة (توليفة) لصيغ فكرية ساهمت فيها كل التيارات المتصارعة في الظاهر و لكنها متحالفة فعليا في نسج الذكاء الإنساني و هذا أرقى أشكال التضامن البشري مهما احتدّ التقاتل. فهل نحن بحاجة إلى فيفا جديدة تنظم المباريات الفكرية؟

تذكر في الحوار أسماء أعلام مثل ماركس و حسن البنا و عبد الناصر و غيرهم عند الحديث عن أفكارهم و مواقفهم...كل شخص جدير بالاحترام كذات إنسانية و لكن الأفكار لا يمكن التعامل معها بنفس النواميس لأنها معرضة للتقليب و النقد و المعارضة و الرفض و التعديل و التجاوز...كيف نهاجم الأفكار دون التعسّف على أصحابها؟ واجب النقد إزاء الأفكار قبولا و رفضا و لزوم الاحترام لذوات كل صاحب رأي ميت أو حي، مشهور أو نكرة. 

صدّقوني ...لا أريد إزعاجكم و لكن ما يقال يجب أن يقال، و تتلقفه العقول فهما و انتقاء و نقدا و رفضا و قبولا و تجاوزا. رغبة في الوجود و مشاركة للآخرين في عبء الحياة و مساهمة في نسج الذكاء الإنساني الجماعي.

لا يوجد الإنسان خارج عقله...فكيف ينصهر العقل الواحد في العقل الجماعي؟ هذا هو الأهم...ما بقي من شجار و مشاكسات و انفعالات و نرجسيات...لا يهم من منظور التاريخ و إن شغل الناس لفترة.