كلما أدّبني الدّهر أراني نقص عقلي

و اذا ما زدت علما زادني علما بجهلي

الامام الشافعي


vendredi 29 mars 2013

التفاح بالكعبة و الدستور

 المهدي الجندوبي (خاطرة لم تنشر)

30 مارس 2013

خرجت أتجوّل في هذا الربيع المقبل بنسمته المنعشة و شمسه الدافئة و عندما تجاوزت بائع الغلال على قارعة الطريق استمعت إلى صوت صبية في العاشرة تقريبا تخاطب البائع: "عمي تبيع بلكعبة تفاح..." و لم أستمع إلى رد و كأنه أشار بنعم فإذا الطفلة تقول: بقدّاش الكعبة.

تجاوزت قليلا المكان و التفتت إلى الوراء لمتابعة المشهد فرأيت أمّا تبحث عن النقود لتشتري تفاحة. ما أجملها أمّا لا تستطيع أن تشتري كيلو تفاح أو رطل و لا تريد أن تحرم ابنتها من شهوة كعبة تفاح لأن الكيلو يقارب 4 دنانير. لماذا يشتري البعض كيلوات تفاح تبقى على الطاولة و يكتفي آخرون باشتهاء التفاح معروضا لغيرهم؟

و انحرف بي الخيال إلى مشهد آخر...تصوّروا بنتا أخرى تقول لوحدها للبائع بقداش الكعبة و يجيبها ليك أنت بلاش يا للة...و تأخذ البنت بلاش مرة و اثنين و ثلاثة و بعدها...تسقط البنت الساذجة في شباك بائع التفاح...أرجو أن يكون خيالي فعلا منحرفا هذه المرة...رغم وجود قصص عديدة من هذا القبيل مع الباعة و غير الباعة.  

لا يزعجني أن يروّح البائع عن نفسه...و لكن لماذا يكون الفقر مدخلا لمقايضة غير عادلة...؟

أليست شهوة هذه البنت كعبة تفاح مشكلة قد لا تقل عن كتابة الدستور؟ و كيف يبني الدستور الديمقراطية إذا انهزمت مبادئه على عتبة بائع التفاح بالكعبة؟

ولكن من مفارقات الحياة...هل من يشتري لأبنائه التفاح بالكيلو و يتركونه على الطاولة أسعد من هذه الأم التي اشترت كعبة واحدة و أهدتها بكل فخر إلى ابنة العاشرة؟

التفاح بالكعبة...أظنه ألذّ من التفاح بالكيلو...و سعادة هذه البنت لا تضاهيها ابتسامة من يتركون التفاح على الطاولة لأنهم سئموا منه.