باب نات 2 جانفي 2020
المهدي الجندوبي
لا أجاملك إن قلت أنك تمتاز فيما تابعته عنك منذ قرأت مراسلاتك الى الجرائد
العربية 30 سنة مضت، بالجمع بين اللياقة و الإجتهاد الفكري فقد تجاوزت في موضوعك
المرارة الشخصية و الشعور بالظلم و قدّمت إضاءة لملابسات القرار الجائر و فتحت
افقا لمستقبل الوكالة و لم أعهد أن المسؤولين عندنا لهم مثل هذا التمشي عندما
يغادرون المؤسسات فهم إما يلجؤون الى الصمت أو تغلب عليهم نرجسيتهم و مرارتهم و
ينخرطون في خطابات سلبية لا فائدة منها.
من أخذ قرار الإقالة هل حقا أراد إصلاح الوكالة كمؤسسة لها دور في المشهد
الإعلامي أو إستغلّ خطأ ليفرغ منصبا أو هو يبحث عن كبش فداء؟ فإذا اراد أن يصلح
فليست إقالة الرئيس المدير العام هي الحل بل على العكس من ذلك فهي ستكرّس نمطا من
المسؤولين كنا نهزؤ منهم سابقا عندما كان مدير التلفزة يشرف على نشرة الأخبار
مباشرة أو مدير الوكالة يقرأ البرقيات و كأن شغلهم هو شغل رئيس التحرير. و إذا كان
كل مدير كمسؤول عن كل الأخطاء في مصالحه فقد نحتاج الى إعفاء عشرات المديرين يوميا
و هل يعفى رئيس الحكومة بسبب أخطاء وزرائه؟
هذا إذا سلّمنا، بخطورة الخطئ، و نحن نعلم أن عالم الأخبار و مهما كانت
المؤسسات جادة لا يمكنها تجنّب الأخطاء كليا، مع واجب السعي الى ذلك.
و الأكثر خطورة هي عدم الإعتراف بقيمة الأخطاء كمناسبة لتطوير المؤسسة ليس
عبر إعفاء المسؤولين و لكن عبر تطوير التفكير و تجويد اساليب العمل و توفير فرص
التكوين و تنمية عقلية التعاون و التكامل بين المصالح و الأشخاص العاملين و غيرها
من اساليب ترقية المؤسسات.
أما عن تصوّر صاحب قرار الإقالة للخطئ، فهذه معضلة اخرى...فليست أكبر الأخطاء
هي الأخبار غير الدقيقة أو حتى الكاذبة التي قد تتتسرّب عبر كمّ البرقيات اليومية
لكن هناك اخطاء لا تراها الأعين غير الخبيرة و هو دور الوكالة في عالم الأخبار في
المشهد التونسي و قد أثرت جانبا منه في مقالك. كيف يمكن للوكالة أن تتخلّص من
صورتها كمؤسسة رسمية و ترتقي الى ما نسميه مهام المرفق العام؟ كيف يمكن خدمة
المصلحة العامة من غير السقوط في خدمة الحكومات و الوزراء؟ ما هي المجالات
المهملة؟ فعلى سبيل المثال هناك رسميا مليون و 200 الف تونسي في المهجر فهل
للوكالة خبراء في شؤون التونسيين المقيم بالخارج؟
سي رشيد و أنت في المعارضة طول العمر إستطعت أن تفتك إحترام الصحفيين لحرفيتك
و قدرتك على التمييز بين الإنتماء و الواجب المهني و انت ضمن المسؤولية لفترة
قصيرة إستطعت أن تعطي درس المغادرة اللاّئقة يجسمه موضوعك المفتوح على المستقبل، و
أنت خارج المعارضة و خارج المسؤولية صحفي باحث من القلائل الذين يفهمون القضايا
العربية و تعقيداتها...هذا رايي و ليس فيه مجاملة و لا مبالغة.
الرابط:
الى الأستاذ رشيد
خشانة (babnet.net)
نشر هذا الرأي تعليقا على الرابط التالي لرشيد خشانة حول ملابسات
إقالته:
وكالة تونس افريقيا
للأنباء... إصلاحات جوهرية مُستعجلة (babnet.net)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire