كلما أدّبني الدّهر أراني نقص عقلي

و اذا ما زدت علما زادني علما بجهلي

الامام الشافعي


mercredi 27 décembre 1989

تدريس الأطفال مشاهدة التلفزيون

 

تدريس الأطفال مشاهدة التلفزيون

المهدي الجندوبي، الجزيرة (يومية سعودية) ركن مساحة للتفكير، 28-12-1989

 

يحتلّ التلفزيون حيزا هاما في الحياة اليومية للطفل في مختلف بلدان العالم و تقيس بعض الدراسات الإحصائية الوقت المخصص للمشاهدة و يفاجأ الخبراء بتنامي الوقت المخصص لتعرّض الأطفال للتلفزيون الذي يكاد ينافس او يتجاوز الفترة المخصصة للدراسة. 


وكتب الكثير عن إيجابيات مشاهدة التلفزيون وسلبياتها و ما يمكن ان ينتج من مشاهدة بعض المواد التلفزيونية من ارتباك على مستوى القيم الاجتماعية خاصة عندما تكون هذه المادة مستوردة. و قد اخذت بعض البلدان إجراءات متنوعة في اتجاه حماية الأطفال من بعض الرسائل الإعلامية السلبية مع وضع علامة خاصة على الشاشة عند بث أفلام لا تستحب مشاهدتها من قبل الأطفال او بعض المواد الإعلامية في فترات متأخرة من الليل و منع الاشهار حول اللّعب العنيفة مثل المسدسات و تقنين استعمال الأطفال في البرامج الاشهارية الخ ...

وعوض الاقتصارعلى المادة التلفزيونية و محاولة تقنينها يمكن إضافة الى ذلك الاهتمام بالطفل الذي يتلقى المادّة التلفزيونية و ترشيد تعامله معها و لا يتم ذلك فقط بمنعه من مشاهدة بعض البرامج و لكن بمدّه في نطاق مناهج الدّراسة بالمفاهيم و الخبرات التي تمكّنه من التعامل الناضج مع التلفزيون و تنمية قدراته النقدية.

ان المدرسة توفّّر للطفل خبرات جغر افية وأدبية و رياضية فلماذا لا نضيف اليها خبرات تلفزيونية ؟ و يمكن ان تتظافر جهود المدرسة و الأسرة في اتّجاه الأهداف التالية:

1) تعويد الطفل على اختيار البرامج اعتمادا على شبكة البرامج التي تنشرها الجرائد و الاطّلاع المسبق على التعليقات الصّحفية حول برامج  ا لتلفزيون وبتحوّل الطفل بهذه الطريقة من الموقف السلبي الذي  يتمثل في الجلوس امام التلفزيون لمشاهدة  كل ما يعرض  الى موقف إيجابي يتمثل في الاطلاع المسبق على أوقات بث البرامج المفضلة  و على محتوياتها و يمكن للولي ان يقوم بهذه المهمة.

2) يتعلم الطفل في المدارس الابتدائية التعامل مع النص المكتوب (يجزّئه  و يلخّصه و يطلب منه تحرير نصوص قصيرة) فلماذا لا يقع تمكينه من تلخيص و تحليل و انتاج المواد التلفزيونية  خاصة و ان أجهزة الفيديو المنتشرة تمكّن المعلم من انجاز مثل هذه التمارين شريطة ان يقع تدريبه على ذلك.

3) يمكن للأولياء ان يتدخّلوا اثناء المشاهدة او بعدها لمدّ الطفل ببعض الملاحظات التي تساعده على تجاوز الانبهار بمحتوى ما يشاهده اذ يخيّل للأطفال عادة ان احداث التلفزيون هي احداث حقيقية فعلى الولي ان يذكر ان هذه الاحداث خيالية  و ان بطل الفلم لم يمت  و لكنه ممثل و ان الدّماء التي يشاهدها الطفل على الشاشة هي خدعة وهناك طرق عديدة يمكن تبسيطها في كتيب يوجّه للمعلمين و الاولياء  قصد تأهيلهم لإنجاز هذا الدور التربوي.

تقوم بعض المؤسسات التربوية بهذا الجهد و يلعب بعض الأولياء بصفة عفوية هذا الدور لكن يمكن بلورة هذه الجهود قصد تحويلها الى هدف تربوي مميّز و تشخيص مختلف المعارف و الأدوات التربوية و الإجراءات اللاّزمة لأداء هذه المهمة ولا نستبعد ان نرى في مدارسنا العربية كتابا جديدا يضاف الى كتب التاريخ و الجغرافيا و يكون موضوعه التلفزيون و لا يقتصر على تقنيات البث التلفزيوني ولا يكون تحليلا لعلاقة الطفل بالتلفزيون فقط بل يشتمل أساسا على تمارين  تطبيقية في مشاهدة التلفزيون.

 تدريس الأطفال مشاهدة التلفزيون، المهدي الجندوبي، الجزيرة (يومية سعودية)، 28-12-1989، ركن: مساحة للنفكير.