بقلم مهدي الجندوبي أستاذ بمعهد الصحافة
يقدّم الصحافي اخبار النشرة التلفزية او الاذاعية و يسال الناس عن كل شيء و يكتب مواضيع عن كل شيء ينشرها في الجرائد و المجلات مصحوبة بإمضائه وقد يصدق القول حينا و يفتري أحيانا . هذا اهم ما يعرفه عامة الناس عن عمل الصحافين.
تعرّف وثيقة التصنيف النموذجي للمهن الصادرة عن المكتب الدولي للشغل في جنيف بسويسرا مهام أصناف الصحافيين كالآتي:
1)الصحافي : يقوم بجمع و تقديم الاخبار و التعليق على الاحداث قصد النشر في الجرائد و الدّوريات او عبر الإذاعة و التلفزيون . ويستجوب الصحافي الأشخاص و يحضر النشاطات العامة و يبحث عن مصادر المواضيع التي تهمّه . وهو يحرّر موضوعات و تعليقات و له قدرة على تقييم الاحداث و تحديد أسبابها و نتائجها المحتملة . ويعرض الصحافي موضوعاته على سكريتر التحرير و على رئيس التحرير للحصول على الموافقة للنشر و يمكن ان يكون مختصا في مجال معين.
2)المحرر المخبر: يبحث عن الاخبار التي تكتسي أهمية بالنسبة الى الجمهور و يقدمها قصد نشرها ويتحول على عين المكان عندما يصله نبا اندلاع حدث ما مثل حادثة قتل او حريق او أي حادث اخر . و قد يتحول الى المحكمة او الى مكان وقوع نشاط عام وقد يحضر تجمعا رياضيا او عرض أزياء و هو مطالب بجمع كل المعلومات المتعلقة بالنقل (الريبرتاج) الذي كلف بإعداده اعتمادا على ملاحظاته على عين المكان و على الاستجوابات و التحقيقات باحثا بصفة خاصة على معلومات حول أوجه الموضوع التي تهم بالدرجة الأولى جمهور الجريدة ويكتب المحرر المخبر ربورتاجات يعرضها على سكرتير التحرير و على رئيس التحرير و قد يتخصص في مجال معين
3) معلق إذاعي وتلفزي: يجمع الاخبار ويقدمها ويعلق عليها في البرامج الاذاعية و التلفزيونية ويقوم بمهام شبيهة بالمهام التي يقوم بها الصحافي ولكنه يتخصص في اعداد ربورتاجات و تعليقات تذاع بالإذاعة و التلفزيون. وينجز استجوابات و موائد مستديرة مع اشخاص لهم اطلاع على احداث الساعة او ساهموا في صناعة هذه الاحداث. و يمكن ان يتخصص في نوع معين من الاخبار و في شكل من اشكال البث ويمكن ان يطالب بتعليقات فورية حول أحداث هامة
المهندس المعماري للجريدة
4)سكرتير تحرير جريدة يومية او دورية يساعد على اعداد ومراقبة المقالات قصد اعدادها للنشر فهو يراقب النصوص من ناحية الرسم و اللغة والمنطق ويتثبت من المعطيات الواردة بأعمال الصحافيين و المخبرين بالاعتماد على كتب المراجع و غيرها من المصادر
ويعيد سكريتر التحرير صياغة موضعات لجعلها اكثر انسجاما او لتكييفها مع المساحة المتاحة في الجريدة و يخرج صفحات الجريدة و يذكر موقع و حجم الصور . و من مهامه أيضا ان يقرا النصوص التي ترد عليه و ينتقي الموضوعات التي يجب ان تعرض على رئيس التحرير و يحرر العناوين و مفاتيح الصور ( أي الشروح المصاحبة للصورة) و يتابع المراسلات التي تتعلق بما ينشر في الجريدة .
و يشبه سكريتر التحرير عادة بالمهندس المعماري للجريدة او بالمخرج المسرحي او السينمائي و يربط بين التحرير و المطبعة .
مراقبة المادة المعدة للنشر
5)رئيس تحرير جريدة يومية او دورية: يختار و يراجع ويبوب المقالات قصد نشرها ويوزع مهام العمل على المحررين المخبرين و على المراسلين و المذيعين و يراقب الموضوعات و التعليقات و الصور التي تصله و يختار ماهو صالح للنشر . ويكلف محررين مختصين بكتابة الافتتاحيات و الموضوعات التحليلية و يراقب المادة التي وقع تحريرها لتثبت من انسجامها مع السياسة المضبوطة للمؤسسة الصحفية و مع المقاييس المهنية للنشر و ان لزم الامر فهو يطلب إعادة صياغتها . و تعود اليه مسؤولية تحديد المساحة التي يجب ان تخصص للموضوعات وكذلك تحديد موقع كل موضوع في الجريدة بالتعاون مع سكريتر التحرير . ويعطي تعليمات للمطبعة حول انجاز الجريدة و يمكن ان يكتب بعض الموضوعات .
الموثقون الصحافيون و المصورون و الرسامين الصحفيين و الكاريكاتوريين
و تساهم كل هذه الأصناف المهنية بدرجة لا تقل أهمية عن المحررين الصحفيين في عملية انتاج الرسالة الصحفية الإعلامية عن طريق الكلمة المكتوبة و المنطوقة و الصورة و الرسم .
فالمقال الواحد الذي يمضيه الصحافي هو في الواقع عمل جماعي ساهم في إنجازه الصحافي الموثق الذي قد يكون سلم لزميله الصحافي المحرر حول الموضوع او بعض المعطيات المحررة حول الموضوع و الصحافي المصور قد يلتقط صورا حول نفس الموضوع و كذلك الكاريكاتوريا ينشر بجانب المقال فيضيف له بعدا إعلاميا و جماليا و د يكتفي القارئ بالصورة او الكاريكاتور
و تشترك كل هذه الأصناف المهنية التي تمثل اوجها متعددة لمهنة واحدة في الالتزام باحترام قانون الصحافة الذي يضبط بعض جوانب محتوى الاعمال الصحفية و لا يفرق بين الشكل المكتوب او المنطوق او المصور او المرسوم
ان منتجي الرسالة الصحفية بكل اصنافهم و تخصصاتهم و تنظيماتهم المهنية هم في الواقع أبناء مهنة واحدة تعرف في تونس و في غيرها من البلدان تحولات كبرى ذات ابعاد سياسية و قانونية و اقتصادية و تقنية, تشترط تحديد الأدوار بصفة متجددة قصد ادخال انسجام اكبر بين مختلف الفئات المهنية التي تساهم في انتاج الجريدة او المجلة او شريط الانباء الإذاعي او التلفزي و تحديد المهارات الإضافية التي يجب ان يكتسبها كل صنف من الأصناف قصد مواكبة التحولات التي تشهدها المهنة و تحسين أداء لمؤسسات الصحفية في اتجاه انتظارات الجمهور
ملاحظة:
تمّ تحرير هذا المقال في فترة لم تعرف بعد الثورة التي أدخلها الإعلام الرقمي في
كل حلقات عملية الإنتاج الصحفي مع نهاية التسعينات من القرن الماضي و بداية القرن
21. و اذ فقدت هذه الوثيقة قيمتها الاعلامية حول أشكال العمل الصحفي و اصناف
الصحفيين، فهي تصف حقبة يجهلها الآن شباب المهنة و يمكن أن يدفعه الفضول الإيجابي
الى معرفتها بهدف فهم الحاضر عبر معرفة ماضي المهنة الصحفية.
نشر في جريدة الصحافة، يومية تونسية، ضمن ملف أعده توفيق بن بريك و عزة زراد في جانفي 1990، تحت عنوان: ملف مسألة الاعلام في تونس
مواضيع ذات صلة: