المهدي الجندوبي، الجزيرة (يومية سعودية)، ركن: مساحة للتفكير، الخميس 15 شوال 1410هج، الموافق 10 مايو\ماي1990-العدد6433.
ان من يقارن مناهج العديد من
مؤسسات التكوين الإعلامي في العالم العربي التي تجاوز عمر العقدين أو أقترب من
ذلك، يـجد أن أغلبها ركّزت على تكوين الصحفيين، وعندما نحاول حصر مجالات التشغيل
التي توجّه اليها أصحاب شهادات الصحافة والاعلام، نجد أن عددا غير قليل لا يشتغل
في مجال الصحافة، بل وقع انتدابه في مهن الاتصال و الاعلام الأخرى غير الصحافة مثل
مهنة الملحق الصحفي والمكلف بالعلاقات العامة والاشهار وانتاج البرامج الاذاعية
والتلفزيونية والتنشيط والنشر والتوزيع.
لقد أدّت حاجة السوق الملحة الى
"تحويل وجهة" حاملي شهادات الاعلام الذين كلّفوا بمهام لم يسبق لمؤسسات
التكوين التي تخرجوا منها أن توفّر لهم فرص التأهيل فيها، فاستكملوا تكوينهم
بمجهود خاص جمع بين التعلّم على الميدان والمطالعة والمشاركة في الدورات التدريبة
كلما توفّرت الفرصة.
ولم تكتف هذه المهن بجلب بعص خرّيجي
الاعلام والصحافة الذين يغلب عليهم التكوين الادبي، بل جلبت اليها حاملي شهادات
أخرى مثل الادب والاجتماع والهندسة الفلاحية والطب، فقد طوّرت وزارات الفلاحية
الارشاد الفلاحي وكفلت عشرات المهندسين الفلاحيين والفنيين بأداء مهمّة اقناع
الفلاحيين باعتماد تقنيات الزراعة المستحدثة وجابه كذلك المهندسون والفنيون
الفلاحيون مهام جديدة لم يهيئهم لها تكوينهم الأصلي، وعاش نفس التجربة بعض الأطباء
الذين كلفوا بالأشراف على حملات التوعية الصحية.
لقد فرضت الحاجة في عدّة قطاعات
تخصيص عدد مرتفع من الكوادر لأداء مهام الاقناع وانتاج ونشر المعلومات وقيادة الحملات
الإعلامية. وجابهت هذه الكوادرالمهام الجديدة بنوع من العفوية واكتشفوا الحاجة
الملحّة الى استكمال معارفهم ومهاراتهم المختصة بمهارات ومعارف في مجال الاتصال.
إذ لا يكفي أن تكون المعلومة الفلاحية أو الصحية سليمة من الناحية العلمية حتى
يضمن لها الانتشار السريع في المجتمع.
لقد حان الوقت بالنسبة الى كلّيات ومعاهد
واقسام الاعلام في مختلف الدول العربية، أن تشخّص حاجات التكوين في مجال مهن
الإعلام والاتصال وتبادر بوضع مخطط لتكوين كوادر الاتصال والاعلام، ويمكن أن
تستجيب تستجيب الى هذه الحاجة في التكوين ببعث شهادة عليا بعد البكالوريوس تخصص لقبول
المهندسين والأطباء والإداريين الذين يريدون استكمال تكوينهم المتخصص بتكوين في
معارف الاعلام والاتصال.
ويمكن لمؤسسات التكوين أن تبادر
بتنظيم دورات تدربيه قصيرة أو متوسّطة قصد
استكمال تكوين العاملين حاليا في قطاع الارشاد الصحي والفلاحي و غيرها من الأنشطة
الإعلامية. وعلى هذه المؤسسات الاّ تقتصر على تكوين الصحفيين في مستوى البكالوريوس
وان تضيف الى مناهجها تخصصات مثل العلاقات العامة والطباعة والتوزيع وانتاج
البرامج التلفزيونية وغيرها من المهن ذات العلاقة بالأعلام والاتصال.
لقد بادرت بعض كليات ومعاهد
الاعلام العربية بإقحام هذه التخصصات بمناهجها وبيّنت قدرتها على التفاعل مع
حاجيات سوق الشغل وتطوراته. لكن مازالت العديد من المعاهد لم تقتنع بعد بان
الصحافة ليست مهنة الاتصال والاعلام الوحيدة.
مواضيع ذات صلة: