المهدي الجندوبي
مجلّة حقائق، عدد 728، من 2 الى 8-12-1999، ص:12.
سأل الممثل الآمين النهدي منذ سنوات في أحد أدواره السّاخرة
عن "وقت انطلاق حافلة الساعة الخامسة" وجسّم بهذه الطريقة مشهدا من
الحياة اليومية حيث الانفصام بين الشيء المعلن والواقع.
والأن أسأل بدوري عن "وقت انطلاق اجتماع العاشرة صباحا". إني لم أحضر مسرحية بدأت في الوقت ونادرا ما حضرت اجتماعا انطلق في الموعد، ما السبب؟
البعض يقول هذه سمة المجتمعات المتوسطية وكأن بعضهم
يعتبر ذلك نمط حياة قد يكون من الأفضل المحافظة عليه حرصا على التميّز الثقافي في
زمن ازداد فيه تخوّف المجموعات الإنسانية من الذوبان!
حكمة الشعوب مثلما صاغتها الامثال الشعبية تقول: احترام
المواعيد من آداب الملوك.
فهل مجرّد التذكير بهذه الحكمة يمكن ان يجد صدى عند ذوي الالباب؟
او هل يجب اقتراح منشور يرسله الوزير الأوّل الى كافة المسؤولين الإداريين يذكرهم
فيه بأهمية الحرص على احترام مواعيد انطلاق الاجتماعات (وما العمل بالنسبة الى
الاجتماعات التي تنعقد خارج المنظومة الإدارية؟)، واقتراح منشور اخر من وزير
الثقافة الى مديري المسارح والفرق المسرحية؟
هل الوقت المعلن على شباك التذاكر وعلى التذكرة في بعض الأحيان
هو وقت فتح القاعة ام وقت بداية العرض؟ هل يجب ولو بصفة رمزية إقرار حقّ المدعوّ
الى الاجتماع في امضاء قائمة الحضور ومغادرة القاعة
وهو في حلّ من التزام حضور الاجتماع في صورة تأخّر تجاوز الربع ساعة وكذلك حق
المشاهد في استرجاع سعر تذكرنه في صورة تأخّر العرض؟
ولكن ...اليس سبب تأخّر العرض هو في الأصل الحرص على
اكتمال المشاهدين الذين يأتون بعد الوقت؟ وتأخّر المسؤول المشرف على الاجتماع سببه
انتظار امتلاء القاعة؟
تجربة مديري الفرق وتجربة المسؤولين جعلتهم يقتنعون ان
الانطلاق في الموعد يعني بداية العمل مع قاعة نصف فارغة. ما العمل؟
يأتي المسؤول في الوقت فلا يجد نصف المجتمعين فأصبح يأتي
بعد الوقت الى درجة ان المجتمعين وان تأخروا بعض الشيء فاتهم لا يجدون المسؤول ويؤدي
الانتظار الى المرارة والى أشياء أخرى.
هذه ظاهرة منتشرة وأصبحت شبه مقبولة الى درجة ان
الاعتذار على تأخّر المسرحية او الاجتماع أصبح غير وارد في الكثير من الأحيان. وقد
يكون غياب الاعتذار شكلا من أشكال غياب التأخير وان وجد. تماما مثل حافلة الأمين النهدي،
حافلة الساعة الخامسة التي تنطلق بانتظام بعد الخامسة وكأنها انطلقت الخامسة ...
بدون اعتذار.
ملاحظة: