رأي اليوم 4-5-2016
تعليق المهدي الجندوبي
كيف يمكن اعطاء روح جديدة لفكرة القومية العربية لتتجاوز الهدف السياسي
الذي جرّبته في نسخه المتعددة سواء الناصرية او البعثية بشقيها العراقي و السوري و
تتحول الى افق ثقافي و فكري واسع يرسم في عقول و قلوب الشباب املا مفتوحا على المستقبل و مجال عمل متعدد الأوجه
يغذي طيفا واسعا من المؤسسات و المنظمات و البرامج و يعطي معنى جديدا لحياة ملايين
الشبان العرب الذين يجابهون غربتين واحدة ترميهم بين احضان ثقافة غربية غازية و
مهينة و اخرى تفتك بهم في اصالة وهمية بين أوراق تكتب خارج عصرها؟
ما هي القراءة الناقدة و المتأنية للتجارب القومية السابقة بانجازاتها و
اخطائها؟ و هل يكفي النركيز على مسؤولية الغرب في افشال التجارب العربية و السكوت
عن مسؤولية الفاعل المحلي العربي سؤاء كان منظرا أو مسؤولا او مواطنا؟
كيف يمكن تعظيم التجارب الناجحة رغم محدوديتها لفهم اسباب نجاحها و مضاعفتها
و اذكر على سبيل المثال مركز دراسات الوحدة العربية الذي انجز مشاريع فكرية عملاقة
وظفت كفاءات عربية متعددة خارج سلطة دولة أو حزب محدد، و يمكن أن يكون ملهما
لتجارب مشابهة جديدة.
قبل أن تتوحد الأرض و الكيانات السياسية و الادارية يجب ان تتوحد القلوب و
العقول .فما هو دور المؤسسات التعليمية و الثقافية في بلورة و نشر ثقافة عربية
حديثة تتغذى بمساهمات الكتاب و الأدباء و المفكرين من السودان الى المغرب مرورا
بالمهجر لأن القومية العربية ليست أهدافا و شعارات سياسية فقط و لكنها مخزون فكري
مسترسل و متجدد.
بعض الكتاب العرب و عددهم قليل استطاع تجاوز الرواج القطري و هم رمز من
رموز الوحدة الفكرية العربية و لكن هناك كنز مهدور من الذكاء و من التجارب الفكرية
و الأدبية التي يمكن أن تصقل قلوب و عقول الشباب و هي شبه مجهولة خارج أوطانها. من
مهام القومية العربية أن تجابه مثل هذه الرهانات و أن تساعد على اكتشاف هذه الكنوز
و نشرها عربيا لتتحول الى مراجع مشتركة. تربينا على المنفلوطي و العقاد و طه حسين
و الحكيم و نعيمة و جبران و لكن أين هم كتاب الثمانينات و التسعينات و مطلع القرن
الواحد و العشرين؟ لماذا لا يحظون بنفس الاهتمام و العناية؟ بعضهم قال جازما:
انتهى عصر العمالقة و لكن اصحاب المقولة نسوا ما يقوله العرب الذين يقدّرون
الأسلاف دون تبعية خانقة: هم رجال و نحن رجال.
ملاحظة: أضيف هذا التعليق تفاعلا مع مقال الأستاذ معن بشور "المؤتمر القومي والعروبة التي تحتاجها الامة" الذي نشره في موقع رأي اليوم قبيل إنعقاد المؤتمر القومي العربي في 19 و20 نيسان/أبريل في تونس بعد 26 عاما على تأسيسه عام 1990 في تونس. العنوان خاص بالمدوّنة و لم ينشر مع التعليق الأصلي.
المصدر:
http://www.raialyoum.com/?p=417642
مواضيع ذات صلة: