كلما أدّبني الدّهر أراني نقص عقلي

و اذا ما زدت علما زادني علما بجهلي

الامام الشافعي


vendredi 28 novembre 2014

خطواتي الأولى في الجامعة أو كيف أحصل على راتب و لا اذهب إلى مكان العمل؟

(...)"دخلت الجامعة سنة 1980 بعد أن مارست مهنة الصحافة في وكالة تونس إفريقيا للأنباء حيث كنا نعمل بنظام حصص مسترسلة ب 6 ساعات يوميا و مجموع 36 ساعة أسبوعيا. و في الجامعة كلفت بتدريس 6 ساعات أسبوعيا و احترت في ما تبقى من أيام الأسبوع: كيف أحصل على راتب و لا اذهب إلى مكان العمل؟ سؤال ساذج شغلني و لم تكن آنذاك نصوص الجامعة و لا تقاليدها تساعدني على تجاوز هذا المشكل الذي يبدو بسيطا و مضحكا و لكنه يحدّد طبيعة و أشكال انتمائك إلى المهنة. و لكن ما هي مهنتنا و ما هي مهامنا و أوجه شغلنا في الحقل الجامعي؟

أجابني سي عبد القادر (د.عبد القادر بن الشيخ) صامتا و أخرجني من هذا المأزق الساذج و علّمني أن الدرس هو ما يظهر للعيان مثل حركات الممثل على الرّكح و لكن هناك أعمال عديدة سابقة و موازية و اكتشفت بممارساته و نظام حياته مهنة الأستاذ الباحث و بعد أن احترت في تأثيث أيام الأسبوع زيادة عن الست ساعات، اكتشفت مع سي عبد القادر أن أيام العمر كلها غير كافية.

طبعا هناك إعداد الدروس و إصلاح أعمال الطلبة خارج الست ساعات و الإشراف على الامتحانات و لكن هناك اجتماعات لمناقشة تطوير البرامج و أذكر أننا خصصنا في هيئة التدريس اجتماعات استرسلت لسنوات حول تحوير البرامج أجزم من غير مبالغة أنها تجاوزت الوقت الذي قضيناه مع الطلبة في الفصل خاصة و أن إضرابات الطلبة في مطلع الثمانينات تجاوزت أيام العمل.

كذلك تعلّمت ما يحتاجه إعداد ندوة من اجتماعات و مناقشات تحضيرية إذ نبدأ التفكير فيها اليوم و تنجز بعد أشهر و هناك حضور في نشاطات مهنية في علاقة مع الإعلام و كم لجنة أو جلسة عمل مع مسؤولين و فاعلين مهنيين في حقل الإعلام و الصحافة شارك فيها الزملاء رغم التقصير الواضح في إنشاء علاقات تعاون بين الجامعة و الوسط المهني.

و هناك وقت ليس بالقليل لعلاقات اجتماعية مع أساتذة باحثين من الخارج تحتفي بهم و تجلس إليهم في فنادق إقامتهم و تساعدهم على قضاء وقت مريح في زيارة بلدنا و تتناقش عرضا معهم و تتبادل الوثائق و التجارب و تلتزم معهم لنشاطات مستقبلية.

و هناك وثائق درس تسعى جاهدا لتطويرها و نشرها في شكل كتاب مدرسي، أو فريق بحث تحاول الارتباط به لنشر فصل في كتاب جماعي أو مجلة علمية و ان اخفق الفريق و هي تجارب متكررة و محبطة عليك أن تجد من داخلك الصبر و القوة لانجاز دراسات و بحوث تتعلم منها و تفيد بها الآخرين و تفتكّ بها الاحترام و الاعتراف...و القليل من المنح تكمّل بها ضعف الراتب آخر الشهر.و عديدة هي الأوجه الأخرى لمهنة الست ساعات أو هي هكذا بدت لي في خطواتي الأولى قبل أن يفرض علينا الأستاذ محمد المزالي رحمه الله و هو وزير التربية قبول الترفيع في الراتب مقابل الترفيع في "الإنتاجية" و عندهم اقتصرت إنتاجية الأستاذ على العمل داخل الفصل مع الطلبة.

و أذكر من باب الطرفة أن الأستاذ صالح الحمزاوي الباحث في علم الاجتماع و الكاتب العام لنقابة أساتذة التعليم العالي قدّم استقالته لأنه كان يرفض هذا الشرط معتبرا أن الأستاذ الجامعي لا تقاس إنتاجيته بساعات التدريس فقط و لكن أيضا بالبحث و النشر و تأطير الطلبة و بلورت النقابة مفهوم العمل في الحقل الجامعي مدرجة فيه مختلف النشاطات إضافة للتدريس و لكننا بقية زملائه في النقابة قبلنا بالشرط لأن التيار الغالب من الأساتذة اختار تحسين الراتب. و تكررت نفس التجربة مع وزير آخر بعد سنوات و أصبح الأستاذ المساعد يقوم بتدريس 9 ساعات و نصف أسبوعيا.

و لسي عبد القادر بن الشيخ هواجس و مغامرات أخرى اجهلها فقد خاض سنتي 1970 و 1971 تجربة انجاز فلم سينمائي بعنوان "و غدا " بتعاون مع المخرج إبراهيم باباي و نشر لاحقا في شكل رواية "و نصيبي من الأفق". و كم مرّة وجدته يكتب فقرات ثم ينقطع، لرواية ثانية لم تر النور و لكنها رافقته طول العمر...كما نشر عدة قصص للأطفال.

مهنة قوامها المطالعة

لم أتحدث عن أكثر الأنشطة خطورة سواء من ناحية تبعاته على عمل الأستاذ الباحث أو من ناحية الوقت اللاّزم لانجازه. و أنا انعم بمنحة التقاعد بعد 35 سنة من العمل في الحقل الجامعي ازداد أكثر اقتناع بأن هذه المهنة قوامها المطالعة. ما هذا الاكتشاف البديهي؟ كل المعلمين ينصحون بذلك في الابتدائي و لكن بين النصيحة و مدى الاقتناع و الالتزام بها طوال العمر مسافة ليست بالهينة.

لا اذكر أنني تحادثت مع سي عبد القادر و لم يذكر كتابا يطالعه أو كتابا يريد استعارته منك او كتابا يريدك أن تكتبه. و لا اذكر إني زرته في بيته الذي تحوّل إلى مكتب اجتماعات لأن الجامعة وقتها لا توفّر للأساتذة سوى قاعة مشتركة للاستراحة بين الدروس و للاجتماعات أما المكاتب الخاصة فلم تكن متوفرة، و لم أجد على الطاولة كتبا مفتوحة ووريقات عديدة بين الصفحات و على الطاولة وثّق فيها اقتباسا او لخّص فيها صفحة أو كتب تعليقا أو دوّن سؤالا أثارته فيه مطالعة سابقة.

تقلّ قيمة المطالعة و تنقص جدواها إذا لم يرافقها التدوين. و تتراكم هذه الوريقات لتشكّل نصا جديدا يولد من المطالعة و من التأمل الداخلي الذي ينشئ الجديد من القديم.كم ساعة مطالعة في الأسبوع لازمة لهضم ما ينشر في حقل معرفي؟ هكذا أصبحت الست ساعات غير كافية بل العمر كله غير كاف. و لو يطرح علي اليوم سؤال حول أهم نشاط يقوم به الأستاذ الباحث و أكثره استهلاكا للوقت أقول دون تردد: المطالعة".

مقتطع من: عبد القادر بنالشيخ: الدّرس الصامت

الرابط الأصلي للمقال:

https://www.turess.com/hakaek/67648


تم إعداد الوثيقة التالية و مناقشتها ضمن النشاط النقابي في الجامعة بعد أن ربط الوزير الأول محمد المزالي الزيادة في أجور الجامعيين بالزيادة في عدد ساعات التدريس في الثمانينات من القرن الماضي و هدف الوثيقة تثمين كل اصناف المهام التي يقوم بها الجامعيون إضافة الى إلقاء الدروس.


تحديد مهام الأستاذ الباحث

يقوم الأستاذ بمهام التدريس والتأطير والبحث والإدارة  العملية، وتصنّف مهامّه كالآتي:

1)   التدريس:

القاء محاضرات الدروس النظرية والاشراف على الاشغال الموجّهة والاشغال التطبيقية والدروس المدمجة ( درس نظري مشفوع بأشغال تطبيقية) وندوات البحث وينتج عن مهمة التدريس إضافة إلى إعداد الدرس، مهام فرعية تتمثل في إعداد التمارين والاختبارات والاشراف على الامتحانات واعداد الوثائق التربوية.

2)   التأطير:

-         تخصيص حصص دورية لقبول الطلبة بالمكتب خارج أوقات الدّرس.

-         إدارة فريق من الطلبة اثناء الزيارات والاشغال الميدانية والتربصات حسب خصوصيات كل مؤسسة جامعية.

-         الاشراف على رسائل الطلبة والأطروحات والمشاركة في لجان مناقشة الرسائل والأطروحات.

3)   البحث والإنتاج العلمي:

-         نشر مقالات علمية وغيرها من الأعمال ذات الصبغة العلمية بالدوريات التي تصدرها الجـــــامعة (عروض الكتب المختصة ببليوجرافيا...) او غيرها من الهيئات العلمية الأخرى.

-         إنجاز مشاريع بحث فردية او في نطاق فريق بحث على مستوى القسم او المخبر او وحدة البحث في المؤسسة الجامعية او بتعاون مع جهات تونسية او اجنبية او انتاج مختلف التقارير اللازمة من تقرير مشروع البحث الى التقرير النهائي المعدّ للنشر.

-         اعداد ورقة بحث للمساهمة في الندوات والمؤتمرات ذات العلاقة بالاختصاص التي تعقد بتونس او بالخارج والتي تنظّمها المؤسسة الجامعية او التي تدعى الى حضورها.

-         نشر كتب في مجال الاختصاص.

-         انتاج الوثائق التربوية (البيداغوجية) المعتمدة في الدروس (مذكرات الدروس النظرية كراسات الاشغال الموجهة وغيرها من الوثائق).

-         تقديم الخدمات الاستشارية التي يمكن ان تطلبها المؤسسات الوطنية او الأجنبية او الدولية من الجامعة.

4)   الإدارة العلمية

-         تحمّل مسؤولية العمادة أو إدارة المؤسسة أو رئاسة قسم عند الاقتضاء وما ينتج عنها من مهام ذات صبغة إدارية. وكذلك المشاركة في اعمال المجلس العلمي او مجلس الجامعة.

-         تحمّل مسؤولية رئيس لجنة امتحانات عند الاقتضاء.

-         الاشراف او المساهمة في تنشيط مجلّة علمية تصدر عن المؤسسة الجامعية (رئيس تحرير-أعضاء هيئة التحرير-امين التحرير) .

5)   نشاطات علمية وبيداغوجية متنوعة

-         المطالعة المنتظمة أدبيات الاختصاص بمختلف أشكالها.

-         حضور الاجتماعات الدّورية للقسم او للمجلس العلمي وغيرها من جلسات العمل التي بتطلبها سير المؤسسة الطبيعي.

-         تمثيل المؤسسة  في اعمال لجان وطنية او قطاعية لها علاقة بالاختصاص وغيرها من الفرص التي يتيحها تفتح الجامعة على المحيط.

-         متابعة ملف من الملفات العلمية او البيداغوجية بطلب من العميد أو من رئيس القسم او من المجلس العلمي مثل ملف التعاون مع المؤسسات الوطنية والأجنبية، وغيرها من المواضيع والمهام العديدة التي تفرضها طبيعة المؤسسة الجامعية وخصوصياتها.

-         المشاركة في دورات تدريبية تدخل في نطاق التكوين المستمر في مجال الاختصاص وفي المجال التربوي ( البيداغوجيا)

 





مواضيع ذات صلة:

Rapport de synthèse des travaux de recherche et des activités pédagogiques de Mehdi Jendoubi

مهنة الأستاذ الباحث: الى أين؟

L'Université l'homme malade de la Tunisie.

Université: Pour une meilleure définition des taches d’enseignement