كلمة المهدي الجندوبي
في الكتاب الذهبي لحفل تكريم الأستاذ د.المنصف الشنوفي الذي نظمته جمعية الصحفيين
و جمعية قدماء معهد الصحافة يوم الجمعة 7 ديسمبر 1990 بمناسبة إنتهاء مهامه على
راس معهد الصحافة و علوم الاخبار التي غطت 17 سنة من عمر هذه المؤسسة.
![]() |
الأستاذ الدكتور المنصف الشنوفي مدير معهد الصحافة و علوم الاخبار |
عرفتك و أنا طالب من
بين العديد من طلبتك في كلية الآداب (قسم الفرنسية) و في معهد الصحافة، و عملت تحت
اشرافك و انا أستاذ و أنت مدير و حظيت ببعض الجلسات العلمية معك و انا زميل مبتدئ،
و أحببتك و انت أخ أكبر.
في كل هذه الأدوار
الاجتماعية و العلمية التي قمنا بها، شعرت شخصيا بكثير من الراحة في العلاقة
المهنية و العلمية و الانسانية التي ربطتنا. و حظيت منك بدعم متواصل وفّر لي دعما
معنويا مكنني من أن أخطو "باقل ضرر ممكن" خطواتي الأولى في الحقل
الجامعي.
و ساقتصر من بين عشرات
فرص الدعم التي وفرتها لي، على ذكر قرارك بنشر المائة صفحة من مذكرات درس الوكالة
التي وضعتها يوما على مكتبك و قلت لك: لقد قمت بواجبي، فعليك ان تقوم بواجبك، و
تفضلت بالاستجابة الى هذا الانتظار و أخذت قرار نشر هذا العمل المتواضع على نفقة
معهد الصحافة.
ان المناسبة أيها الأخ
المدير تفرض الاطراء و الصمت على نقاط الاختلاف، و لكني لن ألتزم بهذه العادة هذه
المرة و أعتذر على ذلك مسبقا. لقد وجدت بيننا نقاط اختلاف و تقييمات مختلفة و
متناقضة، و أتاحت لنا رحابة صدرك و أنت أستاذنا و مديرنا أن نتجاسر على
"ازعاجك" بالنقد و الانتقاد في بعض الجلسات الخاصة التي جمعتني بك و في
الجلسات العامة التي كنت تشرف عليها و التي لم تكن كلها "سهلةالمراس". و
أضفنا الى ذلك قائمة من التقارير المكتوبة التي لم تكن كلها هدايا حلوة و حملت
شحنة من النقد الناتج عن الطموح المفرط و في بعض الأحيان عن الجهل بكل ضغوطات
القرار التي قد لا يستطيع دائما الأخ المدير ان يفصح عنها.
لقد غادرت أيها الأخ
المدير ادارة المعهد، و قد أنهى المعهد عقدين من العمل استطاع، تحت اشرافك أن يحقق
فيها بعض الأهداف:
1)وفر للوطن و لقطاع
الاعلام اكثر من 500 خريج يشتغل جانب هام منهم في قطاع الصحافة حيث يمثلون اكثر منثلث المهنة و يحتلون مواقع رئيسية.
2)ساهمت في بعث المجلةالتونسية لعلوم الاتصال التي نشرت تحت اشرافكم 15 عددا و هي التجربة الوحيدة التي
توفرت لها هذه الاستمرارية على مستوى المغرب العربي، و هذه شهادة نسمعها من
زملائنا الذي يفدون علينا من هذه الأقطار و ليست بالمرة نفحة من "الشعوبية".
3)تمكنت من تكوين هيئة
أساتذة تونسية قارة تعد حوالي 30 شخصا من بينهم حوالي 20 أستاذا مختصا يمكن ان
يكون لها شان في مجال الانتاج العلمي في السنوات القادمة و البشر مثل الشجرة
المثمرة لا يجني ثمارها من غرسها.
4)أشرفت على تنظيم
حوالي 40 ندوة علمية في مجال الاتصال و الصحافة و الاعلام كانت كلها فرص حوار بين
المهنيين و خبراء الاتصال و الصحافة التونسيين و الأجانب.
أما مظاهر الفشل الجماعي الذي عشناه مع بعضنا، فأنت أدرى بها لأنك أكثر من حمل وزرها و كانت مواضيع
أحاديث و تقارير عديدة:
1)لم ننجح في اقناع
طلبتنا بالحضور المستمر في الدروس و قد تكون اساليبنا التربوية و برامجنا سببا لايستهان به في ذلك.
2)لم ننجح في ارساء
تقاليد النشر البيداغوجي و العلمي باستثناء تجربة المجلة التونسية لعلوم الاتصال.
3) لم ننجح في انهاء
العديد من أطروحات الدولة التي ترهق العديد منا.
4)لم ننجح في ارساء
تقاليد عمل جماعية حسب النمط العالمي الذي يتمثل اساسا في التفرغ الكامل و الفعلي للمؤسسة و الحضور اليومي لانجاز مهام البحث و التاطير و التنشيط اضافة الى التدريس
و تشاركنا في هذا الفشل العديد من المؤسسات الجامعية التونسية.
حضرة الأخ المدير هذا
هو الحلو و المرّ الذي عشناه مع بعضنا و أنت أدرى مني بمرارة المرّ لأنك أدرى مني
بالبون الشاسع بين الطموح و القدرة على الفعل التي تحددها متغيرات عديدة لا يتحكم
فيها دائما "المسؤول الأول"، و من هو المسؤول الأول؟
بكل ما قد تنجح هذه
الكلمات في التعبير عنه من ود و تقدير لا تنتفي معهما العلاقة الناقدة التي كانت
بيننا، أحييك أيها الأخ المدير في اليوم الذي يكرمك فيه طلبتك و زملاؤك و كل من
تعاون معك في قطاع الاعلام، و أقول لك شكرا على ما قدمته لي شخصيا، و أدام الله
صحتك و صحة كل عزيز عليك. و السلام. المهدي الجندوبي.
غادرنا نهائيا الى دار الخلد الأستاذ د.المنصف الشنوفي في 5 جانفي 2021 , و هذه اروع شهادة فاضت بها مهجة الأستاذ د.رضا النجار:
Moncef Chenoufi: Le savant,
l’homme et le manager (leaders.com.tn)